وكان شيخنا فتح الدين إذا ذكروا أمر وسوسته يقول: هذا تصنع. ولما ولي خطابة جامع الصالح برا باب زويلة ترك الوسوسة ضرورة.
وكان في القضاء محمود السيرة، ظاهر العفة، طاهر الكف، وكان كثير الاشتغال، دائم المطالعة، وأولع في آخر عمره بمناقشة الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى، وكتب على الروضة حواشي، ولما وقف عليها شيخنا العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى أجاب عما وقف عليه من ذلك قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى في الروضة: وإذا وقعت في الماء القليل نجاسة. وشك هل هو قلتان أو لا، الذي جزم به صاحب الحاوي وآخرون أنه نجس، لتحقق النجاسة، ولإمام الحرمين فيه احتمالان والمختار، بل الصواب الجزم بطهارته، لأن الأصل طهارته وشككنا في نجاسة منجسه، ولا يلزم من النجاسة التنجيس.
قال الشيخ زين الدين الكتاني رحمه الله تعالى: وإذا وقع في الماء القليل نجاسة وشك هل هو قلتان أو لا لفظ متناقض، وحكمه بالطهارة باطل إذ فرض الماء قليلاً، والقليل دون القلتين، وإلا فإن كان قلتين فهو كثير، وإن كان الماء دون القلتين وحصل فيه نجاسة غير معفو عنها فهو نجسن لا خلاف فيه، فعلم من هذا ا، قوله: الصواب الجزم بطهارته باطل، وكان صوابه أن يقول: ما شك في كثرته ووقعت النجاسة فيه، ولو فرضه لذلك، وهو مراده بحكمه بأن الصواب الجزم بطهارته غير صواب، بل الصواب: الحكم بالنجاسة، لأن النجاسة محققة، وبلوغ الماء قلتين الأصل عدمه، ولا يجوز للآخذ بالاستصحاب مع نفس ما يعارضه، وهو نفس وقوع