اجتمعت به فخلبتني عبارته، وسلبتني حركته وإشارته. ورأيت منه سيادة تعرب عن كمال ذاته، ورئاسة تفضي بغريب صفاته:
ويفتر منه عن خصال كأنها ... ثنايا حبيب لا يمل لها رشف
وفارقته والتلفت إليه يثني دائماً عنقي، والشوق تضرمه لواعد قلقي.
ولم يزل بحماة والناس به مغتبطون، وعلى إحسانه وبره مرتبطون، إلى أن بغته أجله في أشده، وحل أنسه من الوجود بعد شده.
وتوفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة الخامس والعشرين من صفر سنة أربع وثلاثين وسبع مئة، ودفن بعد صلاة الجمعة بمقبرة أقاربه قبلي البلد.
ومولده يوم الثلاثاء سابع عشري شهر رمضان سنة تسع وثمانين وست مئة.
وتولى الحكم بحماة من سنة إحدى وعشرين وسبع مئة إلى أن مات رحمه الله تعالى.
وكان لين الجانب، كثير المروءة، ما قصده أحد في شيء وخيبه. ولم يحفظ أهل حماة عنه أنه سب أحداً بحماة مدة ولايته. وهو قاضي القضاة الحنفية، ومدرس بها، وكان صاحب حماة يثني عليه وعلى فضائله، وحصل لأهل حماة على فراقه ألم شديد وحزن عظيم، وجنازته حافلة إلى الغاية.
وعند مروري بحماة عائداً من حلب سنة أربع وعشرين وسبع مئة، دخلت إليه في تحمل شهادة عليه، فرأيت منه رئاسة وحشمة وسيادة ولطفاً زائداً.