للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمد يديه في المفاضة ضيغم ... وعينيه من تحت البرتكة أرقم

لما ملك أخذ نفسه في الملك مأخذ جنكزخان، ودوخ البلاد والأقطار وأخذ من أدى الأمانة ومن خان. وكان لا يعف عن الأموال ويعف عن الدماء، ويود لعلو همته أن يملك ما تحت السماء.

وكان يؤثر أن يظهر العدل عنه، ويود لو تمكن منه، ولذلك تسمى " محمود "، يريد به نور الدين الشهيد. وينتمي إلى تقليد أفعاله في القريب والبعيد، فما تمسك من ذلك إلا بأقصر سبب، وحكى ولكن فاته الشنب. هذا في بلاد أذربيجان والعراق، وما ضرب فيه له خام أو امتد رواق، وأما الشام فإنه مني من مغوله بالداء العضال، ورمي من جباريهم بما يرمى به الغرض من النبال في النضال، وسلم الله منهم بعض السلامة، ولطف بأهله إلا من أسروه فما سروه أو جرعوه حمامه. ولكن لما عادوا في الواقعة الثانية أخذ الله بالثأر لنا " فهل ترى لهم من باقية ":

وإن كان أعجبكم عامكم ... فعودا إلى حمص في قابل

فإن الحسام الخضيب الذي ... قتلتم به في يد القاتل

والذي أعتقده أنه من حين ظهر جنكزخان ما جرى للمغول بعد واقعة عين جالوت ولا إلى يومنا مثل واقعة شقحب، كادت تأتي على نوعهم فناء، فإن الموت أهل بهم ورحب، وما نجا منهم إلا من حصنه الأجل، أو اختار الأسر لما وجد من الوجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>