وتعمر البلاد كما كانت في أيام الخلفاء - رضوان الله عليهم - والملوك الخوارزمية وغيرهم. إلا أنه كان مع شجاعته وحزمه ورأيه مبخلاً بالنسبة إلى ملوك بيته.
قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله علي إن شيخنا شمس الدين الأصفهاني حدثني عنه أنه أجاز خواجا رشيد على كتاب صنفه باسمه ألف ألف دينار، أخذ بها عقاراً خراباً كان يساوي أضعاف ذلك، ثم عمره بجاهه، فتضاعفت قيمته.
قلت: مثل هذا لا يعد كرماً، لأن هؤلاء الملوك عطاؤهم لخواصهم ومن يقربوه ويحبونه ليس بقياس ولا على قاعدة مطردة، فإن السلطان الملك الناصر محمد كان يعطي خواصه مثل بكتمر الساقي وقوصون وبشتاك والحجازي ويلبغا أضعاف هذا العطاء، وهذا الخواجا رشيد لم يكن عند قازان أحد في محله ولا في رتبته لأنه كان لا يثق إلا به، وهو جليسه وأنيسه ونديمه وطبيبه وطباخه، فلا يأكل إلا من يده أو من أيدي أولاده، وكانوا يطبخون الطعام له في قدور الفضة، ويغرفونها في الطياسي الذهب والجفانات الذهب، ويحملونها بأنفسهم إليه، ويقطع له الخواجا رشيد ويلقمه بيده. وكان بيد خواجا رشيد على هذه الوظيفة مغل بلدين، إلى غير ذلك من الأرزاق الواسعة، وكان يطلعه من أسراره على ما لا يطلع غيره عليه.