الأعيان مدة. وتقدم في معرفة الشروط. ثم إنه اقتصر على جهات تقوم به، وحصل كتباً جيدة، وأجزاء في أربع خزائن، وبلغ عدد مشايخه بالسماع أزيد من ألفين، وبالإجازة أكثر من ألف، رتب كل ذلك وترجمهم في مسودات متقنة.
وكان - رحمه الله تعالى - رأساً في صدقه، بارعاً في خدمه، أميناً صاحب سنة واتباع، ولزوم فرائض ومجانبة الابتداع، متواصعاً مع أصحابه ومن عداهم، حريصاً على نفع الطلبة وتحصيل هداهم، حسن البشر دائمه، صحيح الود حافظ السر كاتمه، ليس فيه شر، ولا له على خيانة مقر، فصيح القراءة عدم اللحن والدمج، ظاهر الوضاءه، لا يتكثر بما يعرف من العلوم، ولا يتنقص بفضائل غيره، بل يوفيه فوق حقه المعلوم.
وكان عالماً بالأسماء والألفاظ، وتراجم الرواة والحفاظ، وخطه كالوشي اليماني، أو رونق الهنداوني، لم يخلف بعده في الطلب وعمله مثله، ولا جاء من وافق شكله شكله.
ولم يزل على حاله إلى أن حج سنة تسع وثلاثين وسبع مئة، فتوفي بخليص محرماً بكرة الأحد رابع ذي الحجة عن أربع وسبعين سنة ونصف، وتأسف الناس عليه.
وكان - رحمه الله تعالى - لدمشق به في الحديث جمال، بلغ ثبته أربعاً وعشرين مجلداً، وأثبت فيه من كان يسمع معه، وله " تاريخ " بدأ فيه من عام مولده الذي توفي فيه الإمام أبو شامة، فجعله صلة لتاريخ أبي شامة في ثماني مجلدات، وله مجاميع وتعاليق كثيرة، وعمل كثير في الرواية، قل من وصل إليه، وخرج أربعين