ولم يزل في جبروته يتشدد، وفي قسوته يتمرغ ويتمرد، إلى أن قصمت بالمنون عرى غروره وبات وليه في حزنه، وعدوه في سروره.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في ليلة الأحد رابع شوال سنة ست وخمسين وسبع مئة، وقد تعدى الخمسين.
ومن الغريب أنه في بلاد الساحل بغزة قد توجه للقسم وأرجف بأنه مات. وكان ذلك في شعبان، وأظنه بلغه الخبر، فنجز أشغاله، وحضر إلى دمشق، ورأى الناس نفسه وما به قلبه. ثم إنه توجه لقبض مغل زرع، فأرجف بموته، فحضر في آخريات رمضان وهو متوعك، وركب وجاء لدار السعادة في ليالي العيد، وهو يتجلد، ويري أنه ممن يخلد:
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
فأقام على حاله بعد ذلك، وتوفي سامحه الله ...
وأول أمره كان من جملة البريدية، وكان فيه حذق ومعرفة وخبرة، فجهز الأمير سيف الدين تنكز - رحمه الله تعالى - بمشافهة فيها قوة وغلظة، إلى الأمير علاء الدين ألطنبغا نائب حلب، فبلغه المشافهة بعبارة فجة مؤلمة، فبقيت في قلب ألطنبغا.