وخنت من آمنك وانقاد لك صاغر ... سودت وجهك في الأول وفي الآخر
ولما كان بيبغاروس على دمشق وتوجهنا نحن مع النائب بالشام الأمير سيف الدين أرغون الكاملي إلى لد وأقمنا بها زائداً عن أربعين يوماً، وفي كل يوم نسمع من الأخبار ما ينكد عيشنا من جهة أهل دمشق وأهلنا وأولادنا، جاءني من القاضي شرف الدين حسين بن ريان كتاب قبل خروجي من دمشق، فلما عدت من لد كتبت جوابه، وجاء منه:" وحاول المملوك الجواب فجاءت هذه العوائق التي ما احتسبت والحوادث التي لم تكن كيوم القيامة، فإن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت، يا مولانا: هذه مصائب عمت وطمت وصرحت بالشر وما عمت، وقيدت إليها الأهوال وزمت ودعت الجفلى إلى مآدبها وأصم المسامع نعي نوادبها، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قول من ضاقت به حيلته، واتسعت عليه بالهموم ليلته:
وكان ما كان مما كنت أذكره ... فظن شراً ولا تسأل عن الخبر
ونسأل الله تعالى حسن الخاتمة، وفجر هذه الليلة العاتمه، فقد بلغت القلوب الحناجر، وحزت الغلاصم بالخناجر، وكسرت براني الصبر، وحسد من امتطى ظهر الأرض من استكن في جوانح القبر، وهذه رزية شموس التثبت بها كاسفه، وليس لها من دون الله كاشفه، اللهم اكشف هذه البلية عن البريه، ولق النفوس الظالمة ووق البريه، وأجرنا على عادة وعجل فك أسرنا بأسرنا، إنك بالإجابة جدير، وعلى كشف هذه اللأواء قدير ".