وترجل له وعانقه وقبل صدره، والتقيا بالميدان الكبير، وبه استتم أمره واستبب له الملك.
وكان ابنه ناصر الدين محمد هو الذي استمال أباه قراسنقر، فشعر بذلك المظفر، فيقال: إنه سمه. وأخذ قراسنقر في تدبير الملك والسلطان تبع فيما يراه، ووعده بكفالة الممالك والنيابة العامة بمصر. ولما وصل إلى مصر وجلس على تخت الملك قال له: الشام بعيد عني وما يضبطه غيرك، فأخرجه لنيابة دمشق وقال له: هذا الجاشنكير خارج إلى صهيون، فأمسكه واحضر به لنتفق على المصلحة، فاجتهد على إمساكه، ولما وصل إلى الصالحية أتاه أسندمر كرجي، فأخذه منه وأعاده إلى الشام، ووصل إلى دمشق ودخلها يوم الاثنين خامس عشري القعدة سنة تسع وسبع مئة، ونزل بالقصر الأبلق وقد نفض يده من طاعة السلطان، غير أنه حمل الأمر على ظاهره ولم يفسد السلطان بكشف باطنه، وأقام بدمشق على أوفاز، فما حل بها أحمالاً، ولا خزن غلة، ولا تقيد فيها بشيء، وأخذ أمره فيها بالحزم، فجعل له مماليك بطفس، ومماليك بالصنمين، وعيناً ببيسان، وإذا وصل من مصر أحد بطقوا إليه من بيسان، وإذا وصل الواصل إلى طفس تلقاه نواب قراسنقر ومماليكه، وقدموا له ما يأكل وما يشرب، وإذا أتى إلى الصنمين فعلوا به كذلك، ويشغلونه بالأكل والشرب والتكبيس إلى أن يبلغ الخبر قراسنقر وخيله وهجنه كلها محصلة لما يريد يفعله، وإذا ركب من الصنمين ركب معه من مماليك قراسنقر من