وكان كثير الاحتشام، عزيز المكارم التي تنتجع بروقها وتشام، معروفاً في الشام ومصر بالكفاءة، مشهوراً بالحمل والأناءة:
تشف على جسم الزلال صفاته ... وتلطف عن روح النسيم شمائله
أقام بطرابلس في المرة الأولى نائباً إلى أن عزل، وقطع أمره فيها وخزل، وحضر إلى دمشق وكان فيها أميراً كبيرا، نازلاً في حماها محلا أثيرا، يعظه تنكز ويرعى جانبه، ويجمل به مواكبه، إلى أن أعاده إلى طرابلس ثانياً نائباً كما كان، ووطد له عند السلطان القواعد والأركان.
ولم يزل إلى أن توفي - رحمه الله، تعالى - في سنة أربع وثلاثين وسبع مئة.
وكان - فيما أظن - بحلب حاجباً في واقعة قراسنقر لما توجه إلى الحجاز وعاد من بركة زيزاء إلى حلب وأحاط، فوقف الأمير شهاب الدين قرطاي في وجهه ومنعه من الدخول إليها، فقال: أنا ما جئت إلا لأجل مملوكي جركس، فقال: خذه، وما عسى أن تفعله أنت وهو؟! وكان قد عزل عن طرابلس في المرة الأولى في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وسبع مئة، وحضر إلى طرابلس عوضه الأمير سيف الدين طينال المقدم ذكره. وأقام الأمير شهاب الدين بدمشق على إقطاع الأمير بدر الدين بكتوت القرماني، ولم يزل بها مقيماً إلى أن أعيد إلى نيابة طرابلس في العشر الأواخر من سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة عوضاً عن الأمير سيف الدين طينال، وجهز طينال إلى غزة نائباً، ونقل السنجري من غزة إلى نيابة حمص.