بكرة إلى الظهر حتى أذن له في الدخول، ولما أخرجه السلطان معه إلى الشام في شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وسبع مئة شد الشلو في وسطه، وكان يركب في خدمته ويترجل قبل نزوله ويمشي في ركابه بالخف من غير سرموزة، ويحصل الصيد بين يديه، ويطعم طيوره، ولم يزل يدخل في قلبه بالخدمة إلى أن أحبه ومال إليه. قال تنكز مرة: والله أشتهي أن أركب مرة، وما أخرج ألتقي الفخري واقفاً ينتظرني.
قيل: إنه كان له واحد واقفاً دائماً بدار السعادة متى قدمت فرس تنكز للركوب توجه إليه وأعلمه، ويكون هو قاعداً متأهباً للركوب، فيركب ويقف ينتظره، فأحبه محبة شديدة حتى لم يبق عنده بدمشق أعز منه.
وقال تنكز عن الفخري: والله لو خدم أستاذه عشر هذه الخدمة ما كان أحد منا نال مرتبته.
كان يوماً في ضيافة الأمير صلاح الدين بن الأوحد، وقد شربوا القمز، فدخل عليهم الأمير سيف الدين أوران الحاجب وهو عند تنكز بمحل كبير، فأخذ الفخري الهياب وقام وقال: عندك يا أمير، فلم يقبله، فألح عليه، فلم يوافقه، فقال تنكز: عندي يا أمير، أنا أحق بك، والله يا أمراء ما عند أستاذنا أكبر منه ولا أعز، ولو وطأ نفسه قليلاً ما كان عند أستاذنا فينا أحد يصل إلى ركابه، وأخذ في الثناء عليه والشكر منه، ومنها، وكان الواقع، وانتحس أوران بها إلى أن مات، وكان إذا