وكثرة الغاشية مما لا يقوم مغل إقطاعه بثلث الكلفة له، وكلما طال الزمان ومر عليه ازداد في ذلك أمره، وكان لا يدري من أين مدده، ولا كيف تنفق يده، وظهر من الأفرم كراهية له؛ لأنه بان له تكبره عليه، فوقع بينهما، ودخل الحاج بهادر وبكتمر الحاجب وغيرهما من الأمراء بينهما، فاصطلحا، وأوجبوا على قطلوبك الشكران، فعمل ذلك في المرج.
قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله: أنفق فيه ما يقارب الثلاثين ألف دينار ما بين طعام وشراب وخلع وتقادم للأفرم وحاشيته، وكانت الضيافة ثلاثة أيام لم ينقطع مددها. قال: وكنت ممن حضرها ونظرها، وهي تزيد على الوصف.
قال: والتزم مرة بدرك الرحبة سنة حملاً عن الأمراء، وجر نحو مئة جنيب من الخيل غير الهجن مجللات بالحرير ملبسات حلي الذهب والفضة، جميعها باسمه ورنكه، وأقام بالرحبة عشرة أشهر غير مسافات طرقه، وكان يقيم بأكثر الجند المضافين إليه، فأما جنده فلا يتكلف أحد منهم شيئاً في مدة بيكاره قال: فحكى لي صاحبنا الشريف ناصر الدين محمد الحسيني - رحمه الله، تعالى، وكان من مضافيه - من هذا ما تعجب منه، وقال لي: كان راتب شرابخانته في شهر رمضان في كل يوم وزن خمسة وعشرين رطلاً بالدمشقي من السكر، وبنى بالرحبة جامعاً وقصراً وميدان كرة ومنازل للجند.
قال: ولما أتى السلطان من الكرك إلى دمشق كان لا ينفق في مدة مقامه