النيل إلى سوق الخيل تحت القلعة، وأرميه على القاهرة. فتوجه الأمير قطلوبك بالصناع إلى حلوان، ووزنوا مجرى الماء وعادوا، وقالوا للسلطان: هذا يصير بسعادتك. قال: كم يريد؟ قالوا: ثمانين ألف دينار، قال: ما هو كثير؟ قال: وكم يريد من المدة؟ قالوا: عشر سنين، فقال: هذا كثير. وبطل ذلك العزم، وأعادهم إلى دمشق.
ولما جاء الأمير شرف الدين حسين بن جندربك إلى دمشق ليتوجه منها إلى القاهرة لما طلبه السلطان في سنة سبع وعشرين وسبع مئة اجتمعا وتحادثا، وانشرحا لما بينهما من الرومية التي تجمعهما، وذكرا قديم صحبتهما، وأحضر أمير حسين وصية كنت كتبتها له بصفد، وقرأتها عليهما. ومما وصى به فيها يقول: فإن مات بدمشق فيدفن في تربتهم بجبل قاسيون المعروفة بهم، وإن مات بالقاهرة يدفن في بيت الخطابة بجامعه الذي أنشأه ظاهر القاهرة بحكر جوهر النوبي، وإن مات في الغزاة يترك في مكانه في الفلاة ليبعثه الله - تعالى - من حواصل النسور وبطون السباع. فقال قطلوبك بن الجاشنكير: والله يا أمير شرف الدين لقد اخترت ميتة عجيبة، والله أنا ما أشتهي أن أموت إلا على فراشي، ونطوعي ومخادي المزركشة في باشخاناتي، ويخرج نعشي وعليه الريحان والياسمين، وجواري من خلفي يبكين علي ويندبنني، فعجبت من تفاوت قصديهما، رحمهما الله، تعالى.
قطلوبك
الأمير سيف الدين الشيخي، أحد أمراء الطبلخانات بدمشق.
توفي - رحمه الله، تعالى - بدمشق في خامس شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وسبع مئة.