السكنات، على وجهه مسحة جمال، وفيه من البدر حسنه ليلة الكمال. لم ير أزرق العين أحسن منه مقله، ولا أفتك من جفونه في كل حمله.
وكان الأفرم يعض على حبه بالنواجذ، وله في حسنه إدراكات وما عليه فيها مآخذ، وكان هو ليس في دمشق من يلعب مثله بالكره، وله في الميدان صولة بها ومقدره، إلى خصائص أخر من فروسيته، ومحاسن تذهل العقول إذا فكرت في انفراده وجمعيته.
ولم يزل على حاله إلى أن أصبح شخصه مع قربه أبعد من أمسه، وتخيل الناس أن النجم دفن في رمسه.
وتوفي - رحمه الله، تعالى - يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة عشرين وسبع مئة، وكان في عشر الأربعين.
لما جاء السلطان الملك الناصر من الكرك إلى دمشق جعله في عداد السلاح دارية، وكان - على ما قيل - يسوق الفرس، ويأخذ نصف السفرجلة من غصنها، ويدع النصف مكانه وهو في أقوى مشوار الفرس، وهو أمر معجز لغيره.
وأما اللعب بالكرة فكان فيه غاية، يقال: إن برديته كانت زنة مئتي درهم وخمسين درهماً، ولقد جاء إلى صفد مرات والجوكندار الكبير في صفد نائب، وكان يلعب هو والأمير ناصر الدين محمد بن الجوكندار، وكنا نتفرج عليهما، ويقول الناس: هذا طبجي مصر وهذا طبجي دمشق. وكان الأمير ناصر الدين أرشق على ظهر الفرس وأسرع حركة، والأمير علاء الدين قطليجا إذا تناول الكرة بصولجانه ما يحتاج معه إلا ضربة واحدة وقد بلغها المدى.
ورأيته - رحمه الله، تعالى - كثيراً ما يتقيأ، ثم بعد ذلك يتغرغر بالخل والماورد،