ثم إن أخصاءه خانوه، وشانوه بعدما زانوه، ولما فطن لما بطن، وعلم أن الشر قد خيم عنده بعدما قطن، فعل كما فعل الحارث بن هشام، ونجا برأس طمرة ولجام، وتحصن بقلعة دمشق فما أفاده، ثم إنه رجع بعد ذاك إلى الهواده، ونزل على حكم اليد الغالبه، ورضي بعد الموجبة بالسالبه، فأمسى في حالة بعين الرحمة مرموقه، وأصبح بعد أن كان ملكاً وهو في عداد السوقه، عبرة لمن تذكر، وتبصرة لمن تفكر.
واضطر إلى قلعة صرخد بعد ملك مصر والشام، وقعد على مقالي النار بعد ذلك المقام، ثم بعد لأي لوى الزمان إليه عنانه، ورفع قليلاً مكانه، وتوجه إلى حماه، وأرشفه ثغر الزمان لماه، فأقام بها إلى أن زار الموت حماه، وأصابه بسهمه لما رماه.
وتوفي - رحمه الله، تعالى - في يوم النحر نهار الجمعة سنة اثنتين وسبع مئة، ونقل تابوته إلى دمشق، ودفن بتربته بسفح قاسيون.
وكان - رحمه الله، تعالى - أسمر قصيراً دقيق الصوت، لحيته صغيرة في حنكه، أسر حدثاً من عسكر هولاكو نوبة حمص الأولى في آخر سنة ثمان وخمسين وست مئة.
وأمره أستاذه الملك المنصور، وكان من أمراء الألوف، ثم إنه عظم في دولة الأشرف، التف الخاصكية عليه، وحمل بهم على بيدرا وقتلوه. ولما حضر السلطان الملك الناصر من الكرك عقيب ذلك جعله نائبه، واستمر الحال سنة، ثم تحول الناصر إلى الكرك، وتسلطن كتبغا ولقب العادل، ونهض بأمره لاجين وقراسنقر وطائفة كان قد اصطنعهم في نوبة الأشرف، وتمكن.
وكان جلوسه على الكرسي في يوم الأربعاء حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين وست مئة.