ولما كان بدمشق نائباً - رحمه الله تعالى -؛ أمسك نصراني في أوائل شهر رمضان سنة سبع وثمانين وست مئة عند امرأة مسلمة جميلة يشرب الخمر، فأمر بإحراقه ففدى النصراني نفسه بمال جزيل، فلم يقبله، وأمر بنار عظيمة، فأضرمت، وألقي النصراني فيها، فقال العلامة شهاب الدين محمود يمدحه، أنشدنيه لنفسه إجازة:
يا من به وبرأيه وروائه ... بلغ المراد الدين من أعدائه
أنت الذي لم يخش لومة لائم ... في الله فابشر فزت عند لقائه
ما يومك الماضي لديك بضائع ... والله والأملاك من شهدائه
يا كافل الإسلام قبلك لم يقم ... هذا المقام سواك من كفلائه
بالسيف قام ولا اختلاف بأنه ... أنت الحسام وذاك من أسمائه
أقسمت لو آلى امرؤ لك أنه ... أحد الفتوح لبر في آلائه
أرسلتها في العدل أحسن سيرة ... بك يقتدي من كان في ألفائه
وغضبت للإسلام غضبة ثائر ... لله غير مشارك في رائه
وحميت سرح الدين من متخلس ... رجس يسر الغدر في استخفائه
أخفى سراه إلى الحريم وما درى ... أن الإله وأنت من رقبائه
جمع الخيانة والخنا في الأرض والإ ... شراك بالرحمن فوق سمائه
فأمرت أمراً جازماً بحريقه ... ورأيت أن القتل دون جزائه
أحرقت من أدنت عداوة كفره ... يده من الإسلام في استعلائه
طهرت من دمه الثرى وقذفته ... في النار عن تنجيسه بدمائه
ورفعت قدر السيف عنه وإنه ... ليجل عن تنجيسه بدمائه
أرعبت أهل الشرك منك وكلهم ... يلقى خيالك واقفاً بإزائه
وسلبتم طيب الرقاد فمن غفا ... ألفى دبيب النار في أعضائه