الجوامع " لعمه قاضي القضاة تاج الدين. وولاه السلطان مدارس والده وخطابة جامع ابن طولون، فقام بجميع ذلك أتم قيام، وسد وظائفه كلها على أحسن نظام، ولبس تشريفاً في دمشق وألقى به الدرس في العادلية في حياة جده سنة ست وخمسين وسبع مئة، وعمره يومئذ دون الاثنتي عشرة سنة.
وعلى الجملة، فكان من نجباء الأبناء، ولكن جاءه أجله مبكراً.
ولما مات توجه والده إلى الحجاز ولحق بالركب الرحبي، ولم يلق بعده قراراً، وضاقت رحاب القاهرة به، وهو معذور في هذا الولد إذا ضاقت به الأرض فضلاً عن البلد.
وكتبت إلى عمه قاضي القضاة تاج الدين أعزيه بقصيدة هي:
الموت ختم يا أبا حاتم ... وغير مستثنى بنو آدم
وليس تنجو من ورود الردى ... لا نفس مخدوم ولا خادم
وكل عمر فله عروة ... ولا بد أن تفضي إلى فاصم
والموت يقظان لهذا الورى ... وكلنا في غفلة النائم
كالذود في الرعي به غفلة ... عن ملتقى جزاره الغاشم
وكلنا يسعى إلى غاية ... لا بد من إدراكها اللازم
ونشرب الكأس التي ذقتها ... من كف ساق للمنى حاسم
وقد تساوى الناس في شربها ... تأتي على المحسن والجارم