قلت أرى البدر في السماء وقد ... أفاض نوراً على نواحيها
وقلت أنا في هذه المادة:
لو أخذت المرآة يا من سباني ... لترى طلعة سمت كل بدر
وتحققت أن عذري باد ... في غرامي وفي تهتك ستري
وللناس في هذا كثير، وهذا القدر كاف.
وأراد الشيخ بدر الدين أن ينظم مثل ذلك في رقته وطلاوة تراكيبه فأتى بما أتى وزاد علواً في الثقالة وعتا.
وأنشدني شمس الدين الخياط أيضاً، قال: أنشدني لنفسه في مليح دخل الحمام مع عمه، فلما جعل السدر في وجهه قلب الماء عليه عبد أسود كان هناك:
وبروحي ظبي على زجهه السد ... ر وقد أغمض الجفون لذلك
قائلاً عند ذاك حين أتاه ... يسكب الماء عليه أسود حالك
من ترى ذا الذي يصب أعمي ... قلت بل ذا الذي يصب كخالك
قلت: قد حقق الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى ما قيل عن شعر النحاة من الثقالة، على أنني ما أعتقد أن أحداً رضي لنفسه أن ينظم هكذا، والذي أظنه أنه تعمد هذه التراكيب القلقة وإلا فما في طباع أحد يعاني النظم هذا التعاظل، ولا هكذا التعسف ولا هذه الركة، ولكني المعاني جيدة، فهي عروس تجلى في ثياب حداد.