اهتماماً يكفيه ما أهم، ومعاضدةً لرأيه الذي يشرق في ليل الخطب إذ ادلهم، وقبولاً يبلغه من رفعة القدر ما يريد، واتحاداً أقرب إلى الداعي من حبل الوريد.
فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري، لا زالت دولته مباركة على الإسلام وأيامه عائدةً بصلات الجميل التي لا تحصرها الأقلام، أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالشام المحروس، وأعمالها وعساكرها وممالكها وقلاعها وبلادها ورعاياها وذخائرها وأموالها، وثغورها ورجالها، وكبيرها وصغيرها، ومأمورها وأميرها، وكل ما يتعلق بها وينسب إليها، على عادة من تقدمه في ذلك كله، علماً منا بأنه أولى من فرع ذروتها، وقرع مروتها، وحلت له حباها، وحمي به حماها، واتسقت به عقودها، وحفظت به عهودها.
فليمض على رسله فيما رتبناه فيها وقررنا، ويتحقق حسن النية فيما أعلنا من أمره وأسررنا، ويدأب في بسط المعدلة والسيرة المجملة، والعمل بالعدل فإنه الطريق المسلوك، وليشمل الرعايا بنظره فإنهم عند الملوك هذه وصيتنا له، وأما عداها من مصالح المسلمين، واعتماد كل ما يقتضي بنصرة المؤمنين، وجند تعرض، وأرزاق تفرض، وأموال تثمر، وبلاد تعمر، وثغور تسد، وعقود تشد، وسطوة تكف الأيدي عن الجور، ومهابة تزعزع كل جبار متعدي الطور، ونظر في المصلحة الخاصة والعامه، وقصد يدل على الخبرة التامه، وشرع يتبع حكمه، وأمر بالمعروف يجدد رسمه، وقلوب تؤلف على الطاعه، وخدم يبذل فيها جهد الاستطاعه، فهو أدرى بما يعاد منها وما يبدا، ولم يزل في طرق الخيرات ولله الحمد أهدى أن يهدى. وهو غني عن شرح فيها يطول، والعمدة في ذلك على الله تعالى ثم على تدبيره المعول.
وسبيل كل من يقف على هذا التقليد الشريف من أمراء الدولة ونوابها ووزرائها ومتحفظي حصونها وولاة أمورها كافة أن يأتمروا بأمره، ويعرفوا له جلالة قدره، وينتهوا إلى إشارته في سر كل عمل وجهره.