يفوق الألوف فلذلك خرج الأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أعلاه الله تعالى وشرفه أن يجرى في إقطاعه.
فلما جهز المنشور إليه كتب هو إلي قرين تشريف جهزه والده رحمهما الله تعالى إلي: " يا مولانا ما هذا منشور إن هذا إلا لؤلؤ منثور، كل سطر منه جنة قد حفت بالثمار، وكل شطر من سطره لو يباع اشتري بألف دينار، تلعب فيه قلم مولانا بالعقول، وأدار بكلامه على الأسماع كأس الشمول، فعلم كل بليغ ما يقول، وتصدق على المملوك بأوصاف استعارها له بيانه، ورصع جواهرها بنانه، وقد وقف عليه محبكم الوالد وقال: بمثل هذا الفضل يحيى الذكر الخالد، وقد سير إليكم شيئاً من تمام الإحسان قبوله، وهو يعتذر بما إذا حضر المملوك يذكره ويقوله، والله تعالى يعلي لمولانا المكانة، ويديم لهذه الدولة الشريفة بيانه بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
وكنت قد كتبت أنا إليه وأنا بالقاهرة في سنة ثمان وعشرين وسبع مئة:
لي في الجوانح من حزني حرارات ... كما لبرد اللمى فيها حرارات
وللبوارق إن لاحت أو اعترضت ... في الضوء من ثغرك الضاحي إشارات
وللغصون إذا ورق الحمام تلت ... أيات عطفيك في الأسحار سجدات
أشكو ظلام ذؤابات دجت فغدت ... وما لها غير نور الفرق مشكاة
خيالك البدر في جو السماء إذا ... نظرت فيها لأن الأفق مرآة
ومن يسق نفسه للوجد فيك ففي ... لعب الغرام على خديك شامات