لم يكن له علم. وإنما كان ذكيا، وعقله بفهم الغرائب زكيا، فكنت يوماً أراه أشعرياً، ويوماً أراه معتزليا، ويوماً أراه حشويا، ويوماً أراه يرى رأي ابن سبعين وقد نحا طريقه، وتكلم على العرفان والحقيقه. نعم كان يتكلم على الأوفاق ووضعها، وحفظها فيما يستعمله ورفعها، ويتكلم على أسرار الحروف كلاماً مناسبا، ويدعي أنه لا يرى دونه في ذلك حاجبا، ويعرف الرمل ويتقنه ضربا، ويدريه جنساً ونوعاً وضربا.
وكان ينظم نظماً ليس بطائل، ويستعير فيه ما يريده من جميع القبائل، وكان قد لحقه الصم، وحصل به له ولمن يعرفه ألم، ثم أضر بأخرة من عينه الواحده، وبقي رحمه لمن يراه عدواً أو عنده له معانده.
ولم يزل على حاله إلى أن رأى عين اليقين، وعلم أن معارات الدنيا لا يحمين من الموت ولا يقين.
وتوفي - رحمه الله تعالى - فيما أظن في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبع مئة بصفد.
ومولده سنة أربع وخمسين وست مئة.
نقلته من خط شيخنا البرزالي.
كان ذكياً وعبارته حلوة، ما تمل محاضرته، وكان يدعي عمل الكيمياء، ودخل على الأفرم وأوهمه شيئاً من ذلك، فولاه مشيخة الربوة، والظاهر أنه كان يعلم منها ما يخدع به العقول، ويتلعب بالألباب الأغمار، ولما جاء إلى صفد ورأيته بها كان شيخ قرية علمين الفقراء، وهي قرية عند قرية مغران بالقرب من الشريعة عند جسر يعقوب، وقف السلطان صلاح الدين يوسف تغمده الله تعالى برحمته.