وقد شفى العي لما بات منتصراً ... للشافعي بزعم المذهب الحنفي
تحمي دروس ابن إدريس مباحثه ... فحبذا خلف منه عن السلف
فما رأى ابن سريج إذ يناظره ... من خيل ميدانه فليمض أو يقف
ولو أتى مزني الوقت أغرقه ... ولم يعد قطرةً في سحبه الذرف
وقد أقام شعار الأشعري فما ... يشك يوماً ولا يشكو من الدنف
وليس للسيف حد يستقيم له ... ولو تصدى له ألقاه في التلف
والكاتبي غدا في عينه سقم ... إذ راح ينظر من طرف إليه خفي
من معشر فخرهم أبقاه شاعرهم ... في قوله: " إنما الدنيا أبو دلف "
هو الحفي بما يوليه من كرم ... فما جرى قلم في مدحه فحفي
لو شاء في رفعة من مجده وغلا ... لمد نحو الثريا كف مقتطف
قد زان أيامه عدل ومعرفة ... فسعده في دوام غير منصرف
يغدو الضعيف على الباغين منتصراً ... ولم يكن قبله منهم بمنتصف
لو يشتكي النهر مثل الغصن عنه مع الصبا إليه رمى عطفيه بالقصف
بل لو شكى الدهر خصم من بنيه غدا ... من خوفه بين مرتج ومرتجف
دامت مآثره اللاتي أنظمها ... تهدي لسمع المعالي أحسن التحف
ما رسخت عذبات البان سافحةً ... من الصبا وشفت صباً من الأسف
فكتب هو إلي قرين ما بعث به:
يا مولانا هذه الأبيات التي تفضلت بإرسالها، وأنبطت معين زلالها، ما أقول فيها إلا أنها ذهب مسبوك، أو وشي محبوك، أو ستر ظلام عن الذراري مهتوك،