وخاله، ثم سمع على الشيخ فخر الدين بن البخاري " مشيخة " بكمالها. وكان صدراً يملأ العين والصدر، ويجعل لمحاسنه البدر، يستحيي الغمام من جوده، ويهب كل ما هو في موجوده، ساد على الدماشقة، بكثرة المكارم، وعلم الناس السماح حتى الغمائم:
ولهذا أثنت عليه الليالي ... ومشت دون سعيه الأيام
ولم يزل في المعالي يترقى ويحاذر الملام ويتوقى إلى أن فاضت نفسه وهو محرم يلبي، وختم الله له بخير فهو يخبأ له عمله ويربي.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سابع ذي الحجة سنة سبع عشرة وسبع مئة، وعمره خمسة وثلاثون سنة، ودفن ضحوة يوم التروية بمقبرة الحجون على باب مكة.
وكان له همة وعزمة ومعرفة وكفاية. باشر بدمشق نظر الأشراف، ونظر الجامع الأموي، ولبس خلعة بصحابة الديوان في سادس عشر المحرم سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، ولبس الصاحب غبريال أيضاً لنظر الدواوين، وكان هو قد وصل من حماة إلى دمشق في شهر رمضان سنة ثمان وسبع مئة، وكان لها ناظراً لما أقطعت حماة للأمير سيف الدين قبجق، وولي عوضه بهاء الدين عبد الصمد بن المغيزل وباشر نظر الجامع الأموي في ذي القعدة من السنة المذكورة.
ومن مكارمه ما حكاه لي عنه القاضي الرئيس ضياء الدين أبو بكر بن خطيب بيت الآبار بالقاهرة، قال: كنا عنده ليلة وقد أحضر حلوى ليجهزها لبعض أصحابه الذين يقدمون من الحجاز، قال: فأكلناها بمجموعها، ثم إنه أحضر عوضها مرة