مرة فإذا به قد التفت إلي وقال: يا فقيه، بلغني أنك قد هجوتني، فسكت فقال: أنشدني، فألح علي فأنشدته:
وليت فولى الزهد عنك بأسره ... وبان لنا غير الذي كنت تظهر
ركنت إلى الدنيا وعاشرت أهلها ... ولو كان عن جد لقد كنت تعذر
فسكت زمانا وقال: ما حملك على هذا؟ فقلت: أنا رجل فقير، وأنا أباشر وقفاً أخذه مني فلان، فقال: ما علمت هذا، أنت على حالك، فباشرت الوقف مدةً، وخطر لي الحج، فجئت إليه استأذنه، فدخلت خلفه، فالتفت إلي وقال: أمعك هجو آخر؟ فقلت: لا، ولكني قصدت الحج، وجئت أستأذن سيدي، فقال: مع السلامة ما نغير عليك.
وقال ناصر الدين شافع: من شعر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد قوله:
تجاوزت حد الأكثرين إلى العلا ... وسافرت واستبقيتهم في المعاوز
وخضت بحاراً ليس يعرف قدرها ... وألقيت نفسي في فسيح المفاوز
ولججت في الأفكار ثم تراجع اخ ... تياري إلى استحسان دين العجائز
وكتب إليه ناصر الدين حسن بن النقيب الفقيسي لما قدم الديار المصرية في سنة أربع وسبعين وست مئة:
أأنت كالشافعي إذ حل مصراً ... فهو فيها علماً وإن فات عصرا
قد رأيناه مذ قدمت علينا ... وسمعناه بعد ما حل قبرا