كان يعرف " مقامات " الحريري، وربما يحفظها، ويدري الموسيقى، ويرى محاسنها ويلحظها، فينظم الشعر الرقيق ويلحنه، ويروجه بذلك على الأسماع ويملأه بهجة ويشجنه. وكان يلعب بالقانون، ويرى أنه يصلح لمنادمة المأمون.
وكان له مكان قد عمره في الربوه، واعتنى به، وجعله بالزخرفة حظوه، يجمع به أحبابه وأترابه وأصحابه، ويأخذ أرباب الملاهي عنه الألحان، ويرون أنهم أشواق إليها من بنت الحان.
ولم يزل على حاله إلى أن دهي الدهان، وأمسى تحت الأرض إلى أن تصير السماء وردة كالدهان.
وتوفي رحمه الله تعالى في خامس شهر رجب يوم السبت سنة إحدى وعشرين وسبع مئة.
أنشدني من لفظه لنفسه القاضي شهاب الدين بن فضل الله قال: كتبت إليه مضمنا:
رأيتك أيها الدهان تبغى ... مزيدا في التودد بالمساعي
فلو صورت نفسك لم تزدها ... على ما فيك من كرم الطباع