للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى أقوى إذا ذكر ما سلب، منه مع بيان المسلوب، فذكر المسلوب مقصود كذكر ما سلب، وفي ذلك من تمكين المعنى ما لا يخفى على ذوي الألباب، ووراء هذا بسط لا تحتمله هذه العجالة، والله أعلم. كتبه محمد بن علي.

قلت: لا أعلم في ذلك العصر أحداً يأتي بهذا الجواب غيره، لمعرفته بدقائق النحو وبغوامض علمي المعاني والبيان ودربته بصناعة الإنشاء.

وأما صورة الخط الذي نقلت منه هذه الفتوى فما كانت إلا قطعة روض تدبجت، أو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت، رحمه الله وأكرم مثواه، وجعل الجنة منقلبه وعقباه.

ونقلت من كلامه تعليقاً على قوله تعالى: " التائبون العابدون " الآية: فإن قيل: كيف ترك العطف في جميع الصفات وعطف " النهي عن المنكر " على " الأمر بالمعروف " بالواو؟ قلت: للمفسرين والعلماء في الجواب عن هذا السؤال أقول، فمنها قولهم لأنها الصفة الثامنة، فهي واو الثمانية، وهذا في غاية السخافة، منها أن هذا من التفنن في الكلام، وهو جواب إقناعي، ومنها أن المراد التنبيه على أن الموصوفين بالصفات المتقدمة هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وهذا بعيد في الإعراب ومقصود الكلام، ومنها أن هاتين الصفتين متعلقتان بالغير فاحتاجت إلى مزية، وهو كالأجوبة التي قبله.

قال: وعندي في هذا وجه حسن، وهو أن الصفات تارة تنسق بحرف العطف

<<  <  ج: ص:  >  >>