وكان الجناب العالي الشيخي البهائي ممن اشتهر فضله، ونزع في قوس الإحسان فأصاب الصواب نبله الذي أرسله نبله، وخدم العلم الشريف حتى عز في عصره أن يوجد في فنونه مثله، وتفرع عن أصل زكا فكان والده رحمه الله تعالى ليثاً وقد شب له منه شبله.
أما القراءات فباع صاحب القصيدة معه فيها قصير، ومسلك مصنف " التيسير " أصبح وهو عسير.
وأما العربية فأين صاحب " الجمل " من هذا التفصيل. وأين صاحب " الحجة " من هذا التعليل.
وأما الفقه فلو رآه الروياني علم أن بحره في حوضه قطره، ولو سمعه النووي لأطلع من كلامه بروضته في كل شطر سطر زهره.
وأما الأصول فالإمام يتأخر عن محراب فخره، والسيف لا يثبت له عند هزه.
وأما الخطابة فهو من فرسان منابرها، وأبطال محاربيها ومحابرها. كم أذاب حصاة قلب تحت منبره، وأذرى بها دمعاً إذا جرى تعثر في محجره.
وأما الكتابة فما فتح ابن البواب لغيره فيها بابا، ولا رفع ابن مقلة فيها لغيره أهدابا، فشهدة شهدت له بالحلاوة نصاً. وياقوت أصبح في خاتمه فصا، هذا إلى سياسة حلب بها أشطر الأمور، وعلم بها مصالح الجمهور، وملك بعرفانها أزمةً تسقط