للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلاه فخر الدين واحد مصره ... بذكائه كالنار حين تلهب

وابني يليهم زادهم رب السما ... علماً وفهماً ليس فيه ينصب

وأقدم من سمع عليه الحديث هدبة بنت عسكر، وأحمد بن مشرف.

وحج إلى أن مات تسع حجات فيما أظن أو ثمانية، وجاور في بعضها مرات بمكة والمدينة.

وكان رحمه الله تعالى في الذكاء والحفظ أعجوبه، لم يكن في زمانه من يلحق أسلوبه، قد صار الفقه والأصول له طباعا، ونقل فروع المذهب هوى مطاعا، متى دعاه لباه وجاءه مسرعاً ولا يأباه، فلو رآه أبو ثور لزم التسلسل في التعجب أو الدور، وما قال بتقديم الوصية على الدين، وهو في المذهب أغرب من بياض غراب البين، أو الزعفراني لخلق ثيابه بها فرحا، وفتح دربه ببغداد مرحا، أو عاصره المزني لغرق في قطره وتحقق أن الفخر لمصره، أو ابن سريج لعلم أنه لم يكن من خيل هذه الحلبة، ووصى للماوردي أن يكون صاحب الثناء عليه ونبه. وما أحقه بقول الأرجاني:

غبرت في غرر الذين تقدموا ... في الدهر من أهل الفضائل والعلا

وسبقتهم ولرب آخر حلبة ... بسط العنان له فصار الأولا

وكان يتجر ويقتني الأصناف ويدخر إلى أن ثور نعمة طائله، وحصل جملة هائله، إلا أنه كان يخرج الزكاه. أخبرني بذلك من صدقته لما حكاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>