كان ديّناً خيّراً، وذا بصر بالصلاح لا يزال نيّراً، وحدّث مدة، وسمع منه عدّه، وأضرّ دهراً، وبقي إلى أن وقع من مكان جَهْراً، فانقدحت بذلك عيناه وأبصر، وغنم النظر من الحياة واستقصر.
ولم يزل إلى أن تكدّر لصفي الدين زمانه، وأتاه من الموت حَدَثانه.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة أربع عشرة وسبع مئة.
ومولده سنة ثلاث وثلاثين وست مئة.
[أحمد بن محمد بن إبراهيم]
الشيخ الإمام الفقيه المقرئ المراغي الرومي الحنفي، إمام الحنفية، بجامع دمشق، ومدرس المدرسة العتيقة، وشيخ الخانقاه الخاتونية ظاهر دمشق وغير ذلك.
كان ذا نغمةٍ يقف لها، ويتلبّث بها البرق المتسرع في السير، من يسمعه لا يعود يُعرّج على نغمات العود، ويظنّ أنه أوتي مزماراً من مزامير داود، إذا أمّ في محرابٍ صلّت وراءه سوابق الألحان وسلم إليه الفضل ابن سُريج وقال: ما أنا من خيل هذا الميدان. كان يَؤم بالأفرم، فكان يدنيه ويقربه ويكرمه كأنه والده، يرشّحه لكل خير ويدرّبه، وكان قد عمّر زاوية على الشرف الأعلى يأوي إليها الناس ويقضي المحتشمون فيها بعد صلاة الجمعة أوقات أنس وسماع، لم يخلفها الزمان، وكان ذا مروءة وحميّة وقيام مع الضعيف وعصبيّة، ونفع أناساً كثيرين بجاهة عند الأفرم، وقُربه منه الذي كان لأجله يُبجّل ويُكرَم.