بينه وبين النائب علاء الدين أمير علي المادريني نائب الشام معرفة من مصر، فأكرمه وأقبل عليه وأحسن رعايته، وتوجه إلى حماة لمعرفة بينه وبين الأمير سيف الدين طازيرق نائب حماة، وقامت له سوق بدمشق، ورزق منها الحظ والحظوة، وعمل مجلساً بالجامع الأموي في التفسير، وتكلم فيها كلاماً كثيراً، واستحضر أحكاماً وأقوالاً ومذاهب ورقائق وتصوفاً بجنان ثابت ولسان فصيح من غير توقف، ووسع فيه المجال، وأبدع فيه الجمال، ولما فرغ منه كتبت أنا إليه:
أتينا المجلس حبر الورى ... فسر القلوب بما فسرا
وحرك أعطافنا نشوة ... ولا تسأل عما جرى
فشبهتها بغصون سمت ... وشبهته بنسيم سرى
وأنشدني من لفظه لنفسه يمدح قاضي القضاة تقي الدين السبكي لما كان بالقاهرة:
طرقت وقد نامت عيون الحسد ... وتوارت الرقباء غير الغرقد
والعسكر الزنجي رمح سماكه ... قان وعضب الفجر لم يتجرد
والليل قد نشرت غلائل مسكه ... لما طوى الإمساء حلة عسجد
وسرى يجر على المجرة ذيله ... إذ طوقت من شهبها بمقلد
ربعية حلت بأكناف الحشا ... ودموعها بين النقا والأنجد