وهو كان السبب في صلح الإسلام مع التتار، وبه صارت سُنة باقية إن شاء الله الى يوم تُكشف فيه الأستار:
هو العارض الثجّاجُ أخضل جَودُه ... وطارت حواشي برقه فتلهّبا
إذا ما تلقّى في الوغى أصعق العدى ... وإن فاض في أكرومة غمر الرُبا
ولم يزل على حاله الى أن توفي بوسعيد رحمه الله تعالى، فأخذ سعده، وما طال بعده أمره الى أن سكن لحدَه.
وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
وكان هذا الوزير غياث الدين قد ولد في الإسلام، ولما نُكب والده وقتل سلِم هو، وقد تقدم ذكر والده في حرف الفاء مكانه، واشتغل مدّة، وصحب أهل الخير. ولما توفي الوزير علي شاه طلبه السلطان بوسعيد، وفوّض إليه الوزارة، ومكّنه وردّ الأمور إليه، وألقى إليه مقاليد الممالك، وحصل له من الارتقاء والملك ما لم يبلغه وزير غيره في هذه الأزمان، وكانت رتبته من رتبة نظام الملك.
وكان جميل الصورة، وأمه تركية، وله عقل ودهاء وغَور، وكان خيراً من والده، خرّب كنائس بغداد، ورّد أمر المواريث الى مذهب أبي حنيفة، فورّث ذوي الأرحام، وكان إليه تولية نيابة الممالك وعزلهم لا يخالفه القان في ذلك. وخدم السلطان الملك الناصر محمداً صاحب مصر كثيراً، وراعى مصالحه وحقن دماء الإسلام، وقرر الصلح، ومشّى الأمور على أجمل ما يكون.
ولما توفي القان بوسعيد رحمه الله تعالى نهض الوزير غياث الدين الى شابّ من