للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحولُ رماح الخطّ دون محلّه ... وتُسبى له من كل حيٍّ كرائمه

له عَسكرا خيل وطير إذا رمى ... بها عسكراً لم يبق إلا جماجمه

تحاربه الأعداء وهي عبادهُ ... وتدّخر الأموال وهي غنائمه

ويستكبرون الدّهر والدهرُ دونه ... ويستعظمون الموتَ والموتُ خادمه

وأصبح النيل على إثر النيل، والخصب يسير على إثر الخصبْ ويسيل، ورُخاء الرخاءِ تهبُّ نسيماً، ووجه الأمن قد أسفر وسيماً، ومحيا الدَّعة والسكون عليه من الإقبال طلاوة وسيما، والغنى أصبح للناس غناءً، ولكن زيد ياء وميماً، والإنعامات تُفاض فتخجل البحار الزّخّارة، وبدرها إذا فُضَّت استحيا منها البدر، ولم يخرج عن الدارة، أغرق خواصّه بالجوائز وعمهم بالهبات التي يتحدث بشأنها على المغازل الأبكار والعجائز. لم نسمع لملك بمثل عطاياه، ولا لجواد غيره بما وهب حتى أثقل جياده وكلّت مطاياه:

تمشي خزائنهُ من جودِ راحته ... بَيداءَ لا ذهبٌ فيها ولا ورقُ

وتحسبُ الوفْزَ غيماً والعُلا أفُقاً ... إذا انجلى الغيمُ أبدى حُليهُ الأفُقُ

ولم يزل في سعادة ملكه وريحُ السعود تجري بها مواخر فُلكه، الى أن هلك عنه سلطانه، وما أغنى عنه أنصاره ولا أعوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>