للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل شهر جمادى الأولى والناس في أمر مريج، ووصل بكتمر السلاح دار بألف فارس، وعاد السلطان الى مصر، فانجفل الناس غنيُّهم وفقيرهم، ونودي في الأسواق بالرحيل، وضجّ النساء والأطفال، وغُلّقت أبواب دمشق، واقتسم الناس قلعة دمشق بالشبر، ووقع على غيّارة التتار عسكرُ حمص فكسروهم وقتلوا منهم نحو مئة، وصحّت الأخبار برجوع غازان نحو حلب، فبلغ الناس ريقهم، وأطفأ السكون حريقهم، وهلك كثير من التتار تحت الثلج بحلب، وعمّ الغلاء، وعزّ اللحم بدمشق وبيع الرطل بتسعة دراهم، ثم دخل الأفرم والأمراء من المرج بعدما أقاموا به أربعة أشهر، واستقرّ حال الناس بعد ذلك.

وفي شهر شعبان أُلبس النّصارى الأزرق واليهود الأصفر والسامرة الأحمر، وسبب ذلك أن مغربياً كان جالساً بباب القلعة عند سُلاّر والجاشنكير، فحضر بعض الكتّاب النصارى بعمامة بيضاء، فقام له المغربي يتوهّم أنه مسلم، ثم ظهر له أنه نصراني، فدخل الى السلطان وفاوضه في تغيير زي أهل الذمّة ليمتاز المُسلمون عنهم. وفي ذلك يقول علاء الدين الوَداعي، ومن خطه نقلت:

لقد أُلزم الكُفّار شاشاتِ ذلّةٍ ... تَزيدُهم من لعنةِ الله تَشويشا

فقلت لهم: ما ألبَسوكُم عَمائماً ... ولكنهم قد ألبَسوكم بَراطيشا

ونقلت منه له:

غيَّروا زيّهُم بما غيّروه ... منْ صفاتِ النبيّ ربِّ المكارِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>