واخرج من جانب الدهليز واطلع الى القلعة، فرعاها له، ولم يشعر الناس بالسلطان إلا وقد خرج راكباً فتلاحقوا به وركبوا في خدمته وصعد القلعة، وكان الاتفاق قد حصل أن قراسنقر يكون نائباً بمصر وقطلوبك الكبير نائب دمشق، فلما استقر جلوس السلطان بقلعة الجبل، وهذه المرة الثالثة من عوده الى الملك قبض في يوم واحد على اثنين وثلاثين أميراً من السِّماط، ولم ينتطح فيها عنزان، ورسّم للأفرم بصرخد ولقراسنقر بالشام، وجعل قبجق نائب حلب والحاج بهادر نائب طرابلس وقطلوبك الكبير نائب صفد، وجعل بكتمر الجوكَندار نائب مصر.
وفي سنة عشر وسبع مئة وصل أسندمر الى دمشق متوجهاً الى حماة نائباً، ومنها عزل القاضي بدر الدين ابن جماعة، وولي القضاء جمال الدين الزرعي عوضه، وصرف السروجي عن قضاء الحنفية، وطلب شمس الدين بن الحريري وولاه مكانه. وبعد أيام قلائل توفي الحاج بهادر نائب طرابلس، ومات بحلب نائبها قبجق، فرسم للأفرم بنيابة طرابلس، وأمره أن لا يدخل بدمشق، على ما تقدم في ترجمته، ورسّم لأسندمر بنيابة حلب.
وفي هذه السنة أمر لعماد الدين إسماعيل بن الأفضل علي بحماة.
وفي سنة إحدى عشرة وسبع مئة نقل قراسُنقر من نيابة دمشق الى نيابة حلب بعدما أمسك أسندمر وتولّى كراي نيابة دمشق. وفي شهر ربيع الآخر أعاد ابن جماعة الى مكانه، وتقرر القاضي جمال الدين الزرعي في قضاء العسكر مع مدارس أُخَر.