مات ابن سهل ومنا قلّت الحيلُ ... وللعفاة فضاق السهل والجبلُ
مات الوزير الذي كان الملوك به ... في غبطة ولديه العلم والعمل
الزاهد العابد السامي الرفيع ذُرى ... العالم العامل المستأمن البطل
عليه مني سلام الله ما صدحت ... ورق لها في حواشي دَوْحها زجلُ
وقلت أرثيه:
موت ابن سهل قد كان صعباً ... لكل عاف وكل طالب
يحق والله أن يُرثى ... من قد حوى هذه المناقب
توفي أبوه سنة سبعين، وجده سنة سبع وثلاثين. وحج هو سنة سبع وثمانين وعاد، ثم إنه قدم مصر سنة عشرين وسبع مئة، وحجّ وجاور سنتين.
وكان في بلده يرجعون إليه والى رأيه وحُرمة عقله فيمن يولونه المملكة ويلقبونه الوزير، وكان فيه ورعٌ شديد، وتعفّف وصيانة وديانة وكرم ومروّة وحلم وعلم.
وأخذ عنه الشيخ قطب الدين عبد الكريم، وكان شيخاً وقوراً حسن الهيئة مليح الشيبة لا يتعمم ويتطيلس على طاقية.
ورأيته عند شيخنا العلامة أثير الدين، وأخبرني هو وغيره عنه أنه يتصدق سراً من ماله الذي يحمل إليه من أملاكه في الغرب، وعرفه الناس، وصاروا يقصدونه، فإذا طلب منه أحد شيئاً أنكر ذلك، وقال: ليس ما قيل لك صحيحاً، ثم إنه يتركه بعد يوم أو أكثر ويأتي إليه وهو غافل ويلقي في حجره كاغداً فيه ذهب، ويمر