المِدَح. وسمعته من لفظه الى ترجمة عبد الله بن الزّبعرى، والمقامات العلية في كرامات الصحابة، وسمعت قصيدتها الميمية من لفظه.
وكان بيده من الوظائف مشيخة الظاهرية ومدرسة أبي حليقة على بركة الفيل، ومسجد الرصد، وخطابة جامع الخندق، وكانت له رزق في الديار المصرية، وراتبه في صفد، وما رأيت أحداً محظوظاً مثله، ما رآه أحد إلا أحبه وعظّمه. كان الأمير علم الدين الدواداري يحبّه ويلازمه كثيراً ويقضي أشغال الناس عنده، ودخل به الى السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين وقد امتدحه بقصيدة، وقال: أحضرت لك هذا وهو كبير من أهل العلم، فلم يدعه السلطان يبوس الأرض، وأجلسه معه على الطراحة، وهل قام له أو لا، أنا في شك من ذلك، ولما رأى خطه وسمع لفظه قال: هذا ينبغي أن يكون في ديوان الإنشاء، فرتّبه في ديوان الموقّعين، فرأى الشيخ فتح الدين الملازمة ولُبس الخف والمهماز صعباً عليه، فسأل الإعفاء من ذلك، فقال السلطان: إذا كان لابد من ذلك فيكون هذا المعلوم يتناوله على سبيل الراتب، فرتّب له الى أن مات رحمه الله تعالى.
وكان الكمالي ينام معه في قرظيّة النوم، وكان كريم الدين الكبير يميل إليه كثيراً ويودّه، ويقضي أشغال الناس عنده، وهو الذي ساعده على عمل المحضر وإثباته بعداوة قاضي القضاة بدر الدين بن جَماعة.