للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما استعذب الماء الزلال لأنه ... إذا مازج الماء الزلال يَطيبُ

فبادرها المملوك لبنائها متعرفاً، وبأرحبها متعرفاً، وبولائها متمسكاً وبثنائها متمسكاً، شوقاً إليها لا يبيد ولو عمّر عمر لبيد، واقفاً على آمال اللقاء وقوفَ غيلان بدار ميّة، عاكفاً على أرجاء الرجاء عكوف توبة على حب ليلى الأخيلية، والله يتولاه في حالتيه ظاعناً ومقيماً، ويجعل السّعد له حيث حلّ خديناً والنُجْحَ خَديماً، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.

فكتبت أنا الجواب إليه عن ذلك:

تنوحُ حماماتُ اللوى فأَجيبُ ... ويحضُرُ عندي عائدي فأغيبُ

وقد ملّ فرشُ السّقْم طولَ تقلّقي ... عليه بجنبي إذ تهبُّ جَنوبُ

ولما بكتْ عيني نواكَ تعلّمتْ ... دموعُ السّحاب الغرّ كيف تصوبُ

أيا برقُ إن حاكيتُ قلبي فلم يكن ... لنارِكَ مع هذا الخفوقِ لهيبُ

ويا غيثُ إن ساجلْتَ دمعي فإنه ... يفوتك مع ذا أنةٌ ونحيبُ

ويا غصنَ إن هزّت معاطفك الصّبا ... فما لك قلبٌ بالغرام يذوبُ

إذا جفّ جفني ذاب قلبي أدمُعاً ... فلله قلبٌ عاد وهو قليبُ

أبيتُ بجفنٍ ليس يعرفُ ما الكرى ... وأيُ حياةٍ بالسهاد تطيب

وقلبٍ إذا ما قرّ عادتْهُ لوعةٌ ... فيعروه من بعد القرار وجيبُ

ألا إنّ دهراً قد رماني بصَرفِهِ ... لدَهْرٌ إذا فكرت فيه عجيب

ويكفي أني بين أهلي ومعشري ... وصحبي لبُعدي عن حِماك غريبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>