ولما كان في ديوان الأمير سيف الدين تنكز رأى من العز والوجاهة والصدارة والنباهة ما فاق به أبناء جنسه، وجنى ثمر غرسه، ونفخ في ضرم الكرم، وأبقى من الثناء ما لا انصرف ذكره ولا انصرم. ثم إن الدهر قلب له المجنّ، وأسدف ليلُ خموله وجنّ، وانحرف عليه مخدومه، وغابت من إقباله نجومه، ثم إنه حنّ عليه بعض حنوّ وأسمى قدره بعض سمو.
ولم يزل في عمالة الخزانة معروفاً بالضبط والأمانة الى أن نحّى النحاس عن الحياة أجلُه، ولم ينفعه ريثه ولا عجله.
وتوفي رحمه الله تعالى فجأة يوم الخميس سابع شهر رجب الفرد سنة سبع وخمسين وسبع مئة.
ومولده في غالب الظن في سنة إحدى وثمانين.
بات ليلة الخميس وأصبح بكرة نهاره، فحكى لبعض أصحابه، قال: رأيت في بارحتي كأني دخلت الحمام ومتّ، وفي البارحة الأولى رأيت مثل ذلك، ثم إنه اشترى لأهله حلوى، لأنه كان ليلة الرغائب، وجهّزها مع أهله الى تربة ولده بالمزة، وقال: أنا العصر عندكم، ثم إنه دخل الحمام وخرج منه، فمات فجأة، وما أذّن العصر إلا وهو عند أهله كما قال، ولكن على النعش.
وكان أول أمره قد توجه مع الأمير سيف الدين طقطاي الجمدار الى نيابة الكرك، ثم إنه عاد واستخدمه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى صاحب ديوانه عوضاً عن القاضي محيي الدين، فصال وجال، وكان له ذكر في دمشق وصيت وسمعة الى أن تغيّر عليه بعد مدة فعزله، وأخذ منه بعض شيء، واستمر في إحدى وظيفتيه