كان رجلاً صالحاً له ذوق، وفي كلامه ترويح للنفس وسَوْق إلى الشوق، يتكلّم على كرسيّ في الجوامع، ويقيّد المارقين بأغلالٍ وجوامع، وله إلمام بآثار السلف الصالح، وكلام الصوفية، إذا هبّ نسيمه العاطر الفائح شوّق كثيراً من القلوب، ومحا بالدموع غزيراً من الذنوب، وله مشاركة في الفضائل، وعليه للصَّلاح سيماء ودلائل، وهو تلميذ الشيخ أبي العباس المُرْسي صاحب الشاذلي، وكان من كبار القائمين على الشيخ تقي الدين بن تيميّة، وله جلالة يف النفوس بنفسه القويّة.
ولم يزل على حاله إلى أن ركدت تلك العبارة، وانكدرت نجوم تلك الإشارة.
وتوفي رحمه الله تعالى بالقاهرة في المنصورية في حادي عشر جمادى الآخرة سنة تسع وسبع مئة.
ومن شعره:
مُرادي منك نسيانُ المراد ... إذا رُمْتَ السبيلَ إلى الرَّشادِ
وأنْ تَدَعَ الوجود فلا تَراهُ ... وتُصبح مالكاً حَبْلَ اعتمادِ
إلى كم غفلةٍ عنّي وإني ... على حِفظِ الرعاية والودادِ
وَوُدّي فيك لو تدري قديمٌ ... ويومُ السبت يشهد بانفرادي
وهل ربُّ سواي فتَرْتَجيه ... غداً يُنجيك من كَرْبٍ شداد
فوصف العَجز عمّ الكون طُرّاً ... فمفتقرٍ يُنادي
وبي قد قامت الأكوانُ طُرّاً ... وأظهرتُ المظاهرَ مِنْ مُرداي
أفي داري وفي ملكي وفُلْكي ... تُوجّه للسِّوى وَجْهَ اعتماد