طوّلها، ومدائح سوّرها وهمُه وسوّلها، ولم يكن له غوص على المعاني البديعة، ولا احتفال بطريق المتأخرين التي هي عليه وعلى أمثاله منيعة. ومع ذلك فكان بين فكيه مقراض للأمراض، وكنانة نبل أنفذ من السهام في الأعراض، لا يكاد يسلم أحد من هجوه، ولا ينجو طاهر الذيل من نجوه. وكان هجوه أجودَ من مدحه، وأوقع في النفوس لكدّه فيه وكدحه، ولكنه ذاق وبال هذا وأوذي أكثر مما آذى، إلا أنه كان كثير التلاوة، يلازم الصلاة في الحضارة والبداوة، وحج غير مرة، وقرن البعرة بالدرة.
وحججت أنا وهو في عام خمسة وخمسين وسبع مئة، ولما وصلنا الى مُعان مزّق الله من الخياط عمره، وأذهب شعره وشعره، وأتاه من نايات المنايا ما بطّل زمرَه، فدفنّاه على قارعة الطريق، وانكفّ ذاك اللسان الذي كأنه مبرد وما حمل التطريق، وجعلناه سراً مودعاً من البرية في صدر، ووضعنا الشمس في الأرض ليلة البدر، فلو كان الرفّاء موجوداً لرثى الخياط وأبّنه، ونقله بلبنه الطيب الى مقبره وجبّنه.
وعلى كل حال فقد راح الى الله وأراح، وحمل كارة أهاجيه وهو كاره وقلّ من حمل كارة واستراح، والله يسامحه في يوم عَرضه، ويعطّف عليه قلب من أخذ من عِرضه، حتى إنه يسامحه ويحالله، ويصادفه فيصادقه ويخالله.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في معان، ليلة الرابع عشر من المحرم سنة ست وخمسين وسبع مئة.