الإبلي، وساق سنده الى الحريري ثم إنه كتب لي على آخرها وقد كمّلت قراءتها عليه بدمشق في ثاني عشر شهر الله المحرّم سنة أربع وعشرين وسبع مئة: قرأ عليّ المولى الكبير الرئيس العالم الفاضل المُتقِن المُجيد نظماً ونثراً المحسن في كل ما يأتي به من الأنواع الأدبية بديهة وفكراً. فلانُ الدين نفعه الله بالعلم ونفع به كتاب المقامات الحريرية قراءة دلّت على تمكنه من علم البيان واقتداره على إبراز عقائل المعاني المستكنّة في خدور الخواطر مجلوّة لعيان الأعيان. وإنه استشفّ أشعة مقاصدها بفكره المتّقد، وفرّق بين قيم فرائدها بخاطره المنتقد، فما تجاوز مكاناً إلا وأحسن الكلام في حقيقته ومجازه، ولا تعدّى بياناً إلا وأجمل المقال في تردد البلاغة بين بسط القول فيه وإيجازه، ورويته له عن فلان، وذكر السند على العادة.
وكتب هو لي أيضاً على كتاب الحماسة: قرأ عليّ الصدر فلان الدين قراءة مطّلع من البلاغة على كنوزها، مميّز في الصناعة بين لُجين بديعها وإبريزها: باحثٍ عن إبراز مقاصدهم التي لا توجد في كلام مَن بعدهم، عالم بقيم فرائدهم التي إذا ساواها بغيرها نُقّاد الأدباء بسرح الامتحان والسبك نقدهم. ثم ذكر سنده فيها، على العادة.
وكتب هو أيضاً على كتابه أهنا المنائح في أسنى المدائح مما نظمه هو في مديح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: