للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تثنّى وأغصانُ الأراك نواضرٌ ... فنُحتُ وأسراب من الطّيرِ عكفُ

فعلّم باناتِ النّقا كيف تنثني ... وعلّمت ورقاءَ الحِمى كيف تهتِفُ

فألزمني بنظم شيء في هذا المعنى، فقلت: هذا يتعذر، لأن هذا استوفى المعنى ولم يترك فيه فضلاً، وجوّد النظم فألفاظه في غاية الفصاحة وتراكيبه في غاية الانسجام، فقال: لابد من ذلك، فقلتُ أنا مختصراً:

لم أنسهُ في روضةٍ ... والطّيرُ يصدحُ فوقَ غُصن

فأعلّم الوُرق البُكا ... ويعلم البانُ التثنّي

وأنشدته يوماً أيضاً من قصيدة:

وإن تُرِدْ عِلمَ بديعِ الهوى ... بين الورى فأتِ فعنديَ المُرادُ

الأبيات كلها، وقد تقدمت هذه القصيدة في ترجمة الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي صاحب حماة، فأعجبه ذلك، وألزمني نظم شيء في هذه المادة، فنظمت ولكن ذاك بنى وأنا هدمت:

أنا والحبيبُ ومَن يلومُ ثلاثةٌ ... لهُم بديعُ الحبِّ أصبحَ ينتمي

فلي الجِناسُ لأن دمعي عن دَمي ... يجري ألستَ تراهُ مثلَ العندمِ

وله مُطابقةُ التواصل بالجَفا ... ولعاذليه لزومُ ما لم يلزمِ

وقلت أنا أيضاً في هذه المادة:

لا تعجَبوا منه فما حُسنُه ... إلا بليغٌ حِرْتُ في وصفهِ

إن كان قد أوجزَ في خصرهِ ... فإنه أطنَبَ في رِدفهِ

وما أتى بالواوِ في صُدغِه ... إلا وقد رتّب في عِطفهِ

ولفّ في البُردةِ أعطافهُ ... حتى يطيبَ النشْرُ من لفّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>