تلتفت الى الغزال النافر، ولا تحتج مع جبينه الى الصبّاح السافر، مع جود من أين للغمام كرمُه إذا سفح، أو البحر نواله إذا طفح، وخلق كأنه نسيم ورْد هبّ في سحره، وجرّ ذيله المبلول على زهره، فهو كما قال أبو تمام في وليده وتغزّل به في قصيده:
مليٌّ بأن يسترقّ القلو ... بَ على هزله وعلى جدّه
وأن يوجد السّحر في طرفه ... وأن يُجتنى الوردُ من خدّه
يشفّ القلوب وإن أكذبَ ... الظنون وأخلفَ في وعده
بما أشبه البدرَ من حُسنه ... وما شاكل الغصنَ من قدّه
وألسنةُ الحمد مجموعةٌ ... على شكره وعلى حمده
وجرتْ له بعد أستاذه الناصر أمور، وكُسف بدره وسط الديجور، وغرُب نجماً، ثم بزغ في سماء السعادة قمراً تمّا.
ولم يزل بعد ذلك في مدارج صعود، ومطالع سعود، الى أن غُصّ من بريق السيف بريق، وأمسكه الأجَل في المشيق.
وكانت قتلته في حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
ولم يكن عند أستاذه الناصر أحدٌ في منزلته ولا مَن يُدانيه في علوّ مرتبته.
قال لي القاضي شرف الدين النشّو: لو أن هذا الحجازي يلازم خدمة السلطان ويواظبها أخذ منه شيئاً كثيراً الى الغاية.