وكان الحجازي أحد من قام بدولة الملك المظفّر حاجّي، ولم يزل في غاية العظمة والوجاهة الى أن تنكّر له الملك المظفر بسبب لعب الكرة وتحزّبهم، وكأنه أضمر الغدر، فجاء أحد من اتفق معه الى السلطان وعرّفه أنهم قد عزموا يوم الإثنين عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين على الركوب الى قبة النصر ليفعلوا كما فعلوا بالملك الكامل، فطلبه السلطان الملك المظفّر عشية الأحد العصر، وأمسكه أمسك الأمراء الستة المذكورين في ترجمة آقسُنقر، ويقال إن الأمير سيف الدين منجك وغيره من الخاصكية ضربوه بالسيوف وبضّعوه، فقال الأمير شمس الدين آقسنقر وقد أمسكوه أيضاً: هذا المسكين ما هو مسلم؟ فضربوه بالسيوف وقطّعوه.
وكان الأمير سيف الدين ملكتمر شاباً طويلاً حسن الوجه، خفيف الحركة، زائد الكرم، قلّ من يحضر بين يديه ويخرج بغير خلعة ولا إنعام سواء كان ربّ سيفٍ أو قلم أو ربّ صناعة. وحكى لي بعض الفقهاء أنه وهبه مرة ألف دينار ولم يجتمع به إلا مرة واحدة.
وكان أخيراً قد لفّ عليه أولاد الأمراء يركبون معه وينزلون في خدمته ويأكلون على سماطه ويأخذون إنعاماته وإطلاقاته، ولهذا أُمسك معه جماعة منهم واعتُقلوا، وكان السبب في إمساكه وإمساك غيره، شجاع الدين أغرلو المقدّم ذكره.
وقلت أنا فيه رحمه الله تعالى:
بغا أغرلو على الحجازي ... وكان للمُلك كالطراز
مضى شهيداً وعاش هذا ... يرتع في اللؤم والمغازي
فمصرُ والشام في التها ... ب البرق اليماني على الحجازي