شيمة حرةٌ وظاهرُ بشرٍ ... راح من خلفه السماحُ يشفُّ
هذا الى كرم يضطرب موجه، ويشهد لمؤمّله بالفوز فوجه.
ولاه السلطان الملك الناصر محمد كتابة السر بالشام إكراماً للأمير سيف الدين تنكز، وتوهّم فيه التقصير، فبدا منه كل أمر معجز، فنفّذ مهمات البريد، وصان أسراره، وصال على أعاديه بكتبه التي يجهزها على الحرارة، حتى دخل في عين تنكز وملأ قلبه، وجعل إليه إيجابه وسلبه، وألقى إليه مقاليد دولته. وروى الليث عنه أسانيد صولته، فتقدم في تلك الدولة ورأس، وجنى من ثمرات الشكر مما غرس، فكان إذا جلس في صدر ديوانه كأنه كسرى في إيوانه مقدد وسؤدد، وستور من الجلالة عليه ترخى، وأطنابٌ من المهابة تُمدد:
بصفاته سجع الحمام وهزّ عط ... فيه قضيبُ البانةِ الأملودُ
سلك المكارم والممالك عزمُهُ ... فغدت وليس لنظمها تبديدُ
من معشر مولودهم في مهده ... يُرجى ومن قبل الفطام يسودُ
وكان خطّه أبهى من الروض وأبهج، وسطوره في طروسه آنقُ من بحر كافور بالمسك قد تموج، قد صغت حروفها وقعدت ووضعت تيجان الحسن على رؤوسها وعقدت.
إلا أن الزمان قطع عليه اللذة، وارتجع حسنته الفذة، فأمسك السلطان تنكز، فانحل نظام السّعد، وزالت تلك المحاسن و" لله الأمر من قبلُ ومن بعدُ "،