نحليه بهذا الطوق أو نخصّه بهذه الدرّة، وذكر بين أيدينا الشريفة جماعة كل منهم جلّ إلا أن يكون قد جلّى، واستوعب الشروط المعتبرة، وكان بذلك الاستيعاب مُحلّى، فأشار مَن إشارته كالسهم الذي يصيب الإشارة، وبركةُ رأيه خالصة من حظوظ النفس الأمّارة، وعيّن من عزّت به الشريعة الشريفة منالاً، وزان رتبتها الجليلة فازدادت به جمالاً، وحمى حوزتها لأنه فارس البحث وجدّلهم وجدّ لهم ونسف مغالط النسفي ولو كانت جبالاً، ونقّى ونقّح كلام من مضى فكم قيّد مطلقاً يمرح وأطلق مقيّدا برَسف، وجلس في حلقة دروسه وكأنما تطلع من محراب داود ويوسف، يغرق المُزني في وابل فضله الصيّب، ويفوق عَرفُ عرفانه على القاضي أبي الطيّب، ويتلوّن الصباغ في شامله من عجزه، ويعترف الغزالي بأنه لم يكن من نسج طرزه، قد صاغ أصوله وابن الحداد في الفروع، والتذّ بكراه وصاحب التنبيه لا يذوق لذّة الهجوع، وأنفق من محصوله وابن الحاجب في ضيعة من صيغة منتهى الجموع.
وكان المجلس العالي القضائي الجمالي هو مُظهر هذه الضمائر والمقصود بهذه الأدلة والأمائر، لا تليق هذه الصفات إلا بذاته، ولا تحسن هذه النعوت إلا بأدواته. فلذلك