إن جادَ للعافي أجاد وإن سعى ... في ضيق طرق للسعادة وُسِّعا
عن نشره فاحَ النسيم معنبِراً ... وبشُكرِهِ غنّى الحمام مرجّعا
انتقل من الشام الى الديار المصرية بطلب السلطان، ونسي بإقباله عليه ما ألفه شبابه في نعيم الأوطان، وباشر الوظائف الكبار فسدّها، وأصلح فسادها وأحكم عقدها بكفاية وأمانة، وعناية وإعانة، خلا أن الزمان خانه أخيراً، وأراه بعد عزّه يوماً كان من الذلّ عبوساً قمطريراً.
فأقام في بيته عاطلاً، ولم يزل الدهر ببلوغ أمانيه مماطلاً الى أن أمسى منزل الضياء وقد أظلم، وراح الى من هو بسريرته علم.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في ذي الحجة سنة إحدى وستين وسبع مئة.
ومولده تقريباً سنة تسع وثمانين وست مئة.
كان أولاً بدمشق في ديوان تنكز، وفيه سيادة وعنده رياسة، داره مألوف الضيفان، ومأوى الأصحاب والإخوان، متى جاء الإنسان الى منزله وجد كل ما يختاره إن كان هو حاضراً أو لم يكن، يجد جميع ما يحتاج إليه الى أن يروح ولو أقام جمعة وأكثر.
ولما تولى قاضي القضاة جلال الدين القزويني قضاء الديار المصرية في سنة سبع وعشرين وسبع مئة، طلبه من السلطان، فأحضره على البريد، فولاه نظر الصدقات الحكمية والأيتام، وكان يحضر دار العدل مع القضاة.