محيي الدين بصحابة ديوان الإنشاء، وهو كبير الديوان يجلس فيه كأنّه كِسرى في الإيوان، وخطّه يُزري بالحدائق، والمطالعة تروح إلى باب السلطان بخطه كالريحان فوق الشقائق، وكان قد أتقن كتابة المطالعة، وعرف البداءة في ذاك والمراجعة، وكتب النسخ من أحسن ما يُرى، وأبرز سطوره كأنما قد رصّعه جوهراً.
له ردّ على المعاني المبتدعة لابن الأثير، وله رسالة سمّاها رصف الفريد في وصف البريد، نظماً ونثراً.
ولم يزل على حاله إلى أن ورد النقض على كماله، ورُدّ بدره إلى أسرار هلاله.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة اثنتين وسبع مئة.
ومولده سنة ست وعشرين وست مئة.
وكانت وفاته في ذي القعدة ثالث عشري الشهر المذكور من السنة المذكورة.
ومن شعره:
ولما بدا مُرخى الذوائب وانثنى ... ضحوك الثنايا مسبل الصدغ في الخدّ
بدا البدر في الظلماء والغصن في النَّقا ... وزهر الربا في الروض والآس في الوردِ
أنشده يوماً القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر:
لا تنكرنّ على الأقلام إنْ قصُرتْ ... لها مساعٍ إذا أبصرتَها وخُطَا
فعارض الطَّرْس في خد الطروس بدا ... من أبيض الرمل شيبٌ منه قدْ وخطا