أومض لي ومضى، في جمع تاريخي الكبير الذي سميته الوافي بالوفيات، وسقت فيه ذكر جمل من الأعيان من زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى زماني، ونصبت فيه نفسي دريئة لمن طعن في أو رماني، إلا أنه جاء مطولاً، وأصبح وجه مضمونه عن الاقتصار والاختصار مخولاً، فأردت بعد فراغي منه أن أقتصد وأقتصر، وأختار مما أمتار وأختص وأختصر، وأجمع تاريخاً لمن أدركه عصري وجنى ثمر غصنه هصري، وضمتني وإياه دائرة وجودي أو نقطة مصري، وكان في زماني ولم أره، أو نقل الرواة الأثبات خبره:
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذاك لنا تداني
وتنظر للهلال كما أراه ... ويعلوها النهار كما علاني
وما أحسن قول الآخر:
قال لي قائل لأية حال ... ترقب البدر ثم تهوى سواه
قلت إما لشبه من حجبوه ... أو لأني أراه وهو يراه
وابتدأت ذلك من سنة ست وتسعين وست مئة، وهي سنة مولدي، ونهلة موردي، وجذوة موقدي، وبدأة موعدي.
ورتبت أسماء من فيه على حروف المعجم، وأدمت غيث فوائده الذي انسجم وجعجعت بفارس الإطناب فيه، فكر وما فكر، وحج وما أحجم. وهو شيء جمعته لنفسي لا لأحد من أبناء جنسي، وجعلته لي رأس مال، وبضاعة ضمت الحلل المرقومة