ولم يزل على حاله إلى أن بَرَق منه البصر، وجزم الموتُ حياته واختصر، فعدم الإسلام منه مؤازراً، ورأوا من بَعده من العدوّ طرفاً متخازراً، وذلك في سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة.
وقلت أنا فيه:
بمملكة الروم حلّ الردى ... أجل النَّويْن الذي قد فَقَدْنا
فتبّاً لصرف الليالي التي ... أرَتْنا أَرَتْنى كما لا أردنا
أرسلان الأمير بهاء الدين الدَّوادار.
كان أولاً عند الأمير سيف الدين سلاّر أيام النيابة خصيصاً به، خطيّاً لديه. ولما جاء السلطان الملك الناصر من الكرك بعساكر الشام، ونزل بالرَّيْدانية ظاهر القاهرة، أطلع بهاء الدين أرسلان على أن جماعة قد اتفقوا على أن يهجموا على السلطان، ويفتكوا به يوم العيد أوّل شوّال، فجاء إليه وعرّفه الصورة، وقال له: اخرج الساعة، واطلع القلعة واملكها، ففتحوا له شرج الدهليز، وخرج من غير الباب، وصعد القلعة ونجا من أولئك القوم، وجلس على تخت الملك، فرعى له السلطان تلك المناصحة. ولما خرج الأمير عز الدين أيدمر الدوادار من الوظيفة رُتّب بهاء الدين أرسلان فيها.
وكان حسن الشكل ظريفاً، حُلْو الوجه، لا يزال به الإقبال من القلوب مُطيفاً، خطّه أبهجُ من الرياض اليانعة، وآنقُ من النجوم الساطعة، يكتب سريعاً، ويخرج