فبرز إلى قرنبيا، فأرجف بإمساكه، فهرب منه الأمير شرف الدين موسى الحاجب بحلب وغيره، ثم إنّ جماعة من الأمراء لحقوا بالحاجب، وأوقدوا النيران بقلعة حلب، ودقوا الكوسات، ونادوا في الناس لينهبوا طلبه، وما معه، فتوجه إلى المعرة، وكتب إلى الأمير سيف الدين طاز يرق نائب حماه، فلم يجد عنده فرجاً، فرد طلبه، ونقله إلى حلب، وتوجّه على البرّية إلى حمص في عشرة مماليك، وقاصى من التركمان شدة.
ثم إنه ركب من حمص هو ونائبها الأمير ناصر الدين محمد بن بهادر آص في ثلاثة مماليك، ودخل دمشق يوم الجمعة سابع عشري الحجة سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، فجهز نائب الشام الأمير سيف الدين أيتمش الحاجب إليه، وابن أخته الأمير سيف الدين قرابغا بقباء أبيض فوقاني بطرز زركش ومركوب مليح، ودخل غليه، وأقام عنده بدار السعادة إلى بكرة السبت ثاني يوم، وجهزه إلى باب السلطان على يدهما مطالعة بالشفاعة فيه، ولما وصل إلى لد تلقاه الأمير سيف الدين طشبغا الدوادار، ومعه له أمان شريف مضمونه أنه ما كتبنا في حقك لأحد، ولا لنا نية في أذاك، فغن اشتهيت تستمر في نيابة حلب، وإن اشتهيت نيابة غيرها، وإن أردت أن تحضر إلينا كيفما أردت عملنا معك، فعاد معه طشبغا الدوادار إلى مصر، وأقبل السلطان عليه، وأنعم عليه، وأعاده إلى حلب.